كتب سليمان جوزيف فرنجية …
الكتابة في الحرب جحيم لا يعرف أذيته غير المرهف شعورا وروحا في لبنان برزت شياطين كثيرة منها الجشع والأنانية وحب الذات. أضحت هؤلاء الشياطين هي نخبة المجتمع المدمر من النواحي كافة. في الماضي كتبت عن الفساد الثقافي في لبنان إلى أين؟ فعلا إلى أين نحن سائرون.
خلال هذه الأزمة برز كثير من الشياطين التي تقول عن نفسها إنها إنسانية وواجهة المجتمع ولكن أصحابها بينوا أنفسهم من أصحاب “ضمير العنزة”. هذا الضمير غير الموجود لديهم وقد باعوه إلى شياطين تلك العوالم. شقة بألفي كانت في الأيام العادية بمئتي دولار وكل ذلك بحجة الطلب والعرض. هذه الحجج التي أدخلت مجتمعنا في حالة ثبات ثقافية وضميرية. أسعار السلع في ارتفاع جنوني وتخزين مروع من قبل بعض التجار الذين ألفوا الظلم بحق الشعب الفقير. أين نحن في هذه الدوامة. من الصعب الكتابة وكل هذا الألم يعتصر قلب الإنسان.
يقول محمود درويش: “هل في وسعي أن أختار أحلامي، لئلّا أحلم بما لا يتحقّق. ذهبَ الذينَ تُحبهم ذهبوا، وكأنَ شيئًا لم يكُنْ وها أنا وحدي ملء هذا الكون. أتيت ولكنّي لم أصل، وجئت ولكنّي لم أعد. أمّا أنا، فسأدخل في شجر التوت حيث تحوّلني دودة القزّ خيط حرير، فأدخل في إبرة امرأة من نساء الأساطير، ثمّ أطير كشالٍ مع الريح”.
بين السوداوية التي نواجها في هذا الوطن الجريح شبيه طائر الفنيق الأسطوري الذي لا نهاية لموته وقيامته. كبيروت التي دمرت كثيرا وعمرّت كثيرًا. نرى الأمل في خيرة الشبيبة التي تعمل ليلاً نهارًا في سبيل اقناعنا بان الخير موجود في روح شباب هذا الوطن المؤمن في قضيته المركزيّة كرسالة وأكثر من وطن. نرى بوادر الثورة الثقافية التي تغزو عقول الشبيبة. ثورة إنسانية فاضلة شبيهة بثورة “الإمام موسى الصدر”، الذي نشل مجتمعه من الظلمة إلى النور. نحن بحاجة إلى قائد مِقدام ينتقل بنا إلى روح وطنيّة جامعة وليس إلى مصالح بعض الأرواح العارية. لن أطيل بعد هذا الكلام سوى بالدعوة لروح شهدائنا الأبرار عساهم أن يتشفعوا لنا أمام الخالق لنخلص من هذه الأزمة الفكرية والأخلاقية وأن نرى رجالات دولة يبنون ثقافة مواطنة سليمة.