كتبت بولين فاضل في “الأنباء” الكويتية:
لم يخل ربما بيان من بيانات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي طيلة مدة الحرب من تحذير لسكان منطقة الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت بضرورة إخلاء مبان فيها قبل قصفها وحتى «ترميدها» بومضة عين، فكانت النتيجة بفعل 50 غارة جوية إسرائيلية تدمير 50 مبنى تدميرا كليا إضافة إلى أضرار في محيطها.
والغبيري عقاريا وجغرافيا من البلدات الكبرى في قضاء بعبدا، وهي تمتد حتى بئر حسن والجناح وجزء من الأوزاعي والغولف والحرش القديم وطريق المطار وطريق صيدا القديمة. وخلال الحرب، صمدت فيها نسبة من سكانها إلى أن بلغت نسبة الإخلاء فيها 90% في الأيام الأخيرة التي سبقت وقف إطلاق النار، والتي شهدت غارات كثيفة.
ومع دخول اتفاق وقف إطلاق النار أسبوعه الثاني، عاد أهل الغبيري إلى المنطقة بنسبة 70%، وتحديدا إلى الأحياء التي لم تتعرض للقصف المباشر، والتي قد تضم أبنية متضررة نسبيا، وتتفاوت الأضرار فيها بين بسيطة وكبيرة.
في هذا الإطار، قال رئيس بلدية الغبيري معن خليل في حديث إلى «الأنباء» إن «هناك من فضّل العودة إلى منزله والمكوث في غرفة أو غرفتين ووضع النايلون للنوافذ ريثما يتم تركيب الألمنيوم والزجاج، على الإقامة بطبيعة الحال في مركز النزوح حيث غرفة الحمام مشتركة والخدمات مشتركة».
وعن مصير مخلفات الحرب من ركام وردم، قال خليل إن «البلدية لم تتبلغ بعد أي قرار رسمي بشأن أماكن طمر الردم، وكل ما تفعله اليوم هو إزاحة الركام لفتح مدخل محل تجاري أو مبنى ونقله إلى أقرب مكان يتم فيه تجميع الردم تمهيدا لترحيله إلى المطمر».
ومنذ أسبوع، بدأت اللجان المشتركة بين بلديات الضاحية والهيئات الاجتماعية في «حزب الله» عمليات المسح الميداني لإحصاء الأبنية والوحدات السكنية المتضررة، وهو عمل يحتاج اكتماله أكثر من أسبوع على أن يظل المسح عرضة للتصحيح لاسيما في حال كان قاطنو المنزل غادروا إلى خارج لبنان.
ووفق رئيس بلدية الغبيري، فإن «هذا المسح سيمهد للتعويض على المتضررين، والبيانات الصادرة عن حزب الله تؤكد أن التعويضات المباشرة سيتكفل بها الحزب، وبعد ذلك يكون هناك نقاش حول مساهمة الدولة في عملية النهوض». وأضاف: «من يقوم بإصلاح بعض الأشياء البسيطة يفعل ذلك على نفقته الخاصة، لكنه يصور الأضرار ويملأ ملفا يقدم فيه الفواتير المفصلة للمعنيين بعملية الترميم في الحزب».
يقدر بعض الخبراء الاقتصاديون الأضرار المادية المباشرة للحرب بـ 6 مليارات دولار مقابل نصف هذه التكلفة في حرب تموز 2006، وبحسب رئيس بلدية الغبيري فإن «المرحلة صعبة وعملية إعادة الإعمار تحتاج إلى إمكانات كبيرة بإدارة من الدولة، لكن اللبنانيين الذين تضررت ممتلكاتهم يتحلون بالصبر والوعي».
وإذا كانت منطقة الغبيري وحدها تضم 50 مبنى مدمرا بشكل تام، فإن في الضاحية الجنوبية برمتها 300 مبنى مدمر و2600 وحدة سكنية متضررة كليا في موازاة 3800 وحدة تحتاج إلى تصليحات أساسية، فلمن هذه المرة سيقول اللبنانيون شكرا على المساهمة في إعادة الإعمار؟ وهل تكون هذه الحرب هي خاتمة الحروب والنكبات في لبنان؟