كتبت لينا دوغان في لبنان الكبير…
لا ينفع الحديث عن لبنان من دون المرور على سوريا والعراق، فهذه الدول ربطتها إيران بعضها ببعض لتتكون فكرة وحدة الساحات، في لبنان وقف لإطلاق النار مشروط بهدنة من ستين يوماً، بين هشة وصامدة، بعد حرب شنتها إسرائيل على عدة مواقع لـ “حزب الله” في الضاحية والجنوب والبقاع ولم تسلم منها بيروت، حرب استمرت أكثر من شهرين كان الحزب قد سبقها بإعلان جبهة مساندة لغزة قبل عام تقريباً. وما إن توقفت النار في لبنان، حتى استفقنا على سوريا وتحديداً حلب في أحداث متسارعة بصورة كبيرة نسبها مراقبون إلى إسرائيل وأميركا، بينما يراها آخرون مرتبطة بالوضع بين تركيا وسوريا الذي تديره روسيا، ويأتي في وقت تعثرت فيه جهود التقارب بين أنقرة ودمشق. وقد تمكّنت فصائل المعارضة السورية المسلحة خلال 48 ساعة من السيطرة على مناطق وسط حلب وأخرى في ريف إدلب، في هجوم هو الأول من نوعه منذ 5 سنوات، وهي المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، إذ قيل إن الفصائل أعدت لهذا الهجوم منذ أشهر.
غزيرة هي الأحداث في الشرق الأوسط هذه المرة، لكن إذا كان الحديث عن توسعها يأخذ حيزاً من التحليل والتوقعات من كل المراقبين، إلا أن تداخلها هو النقطة الأهم التي تثير التساؤلات والردود، ذلك أنها أخدت منحىً جديداً وجدياً هذه المرة من خلال تسارعها وأهدافها.
كل بلدان المحور التي ترأسها إيران منخرطة فيها، لكن كلٌ على طريقته، من لبنان الذي أدخله “حزب الله” في معركة الإسناد التي أوصلته الى حرب، الى سوريا التي ساندتها ايران ومعها الحزب في مواجهة الثورة، الى اليمن وتحديداً الحوثيون، الى العراق الحائر بين دعم الساحات والنقاط السبع التي تحدث بها السيستاني لتحقيق الاستقرار في العراق.
وكان السيستاني تطرق الى هذه النقاط، بعد نشر صورته ضمن قائمة المستهدفين، ولعل أبرزها منع التدخلات الخارجية وتحكيم سلطة القانون وحصر السلاح بيد الدولة ومكافحة الفساد على جميع المستويات.
لكن بمجرد أن تحركت أحداث سوريا، وعلى الرغم من تشديد الحكومة العراقية الرقابة على الحدود العراقية السورية، إلا أن فصائل عراقية موالية لإيران دخلت من أجل مساعدة الجيش السوري في القتال. كما أوضح مصدر كبير في الجيش السوري أن العشرات من مقاتلي الحشد الشعبي عبروا طريقاً عسكرياً بالقرب من مدينة البوكمال على الحدود بين البلدين، متوجهين نحو حماة في الشمال السوري.
كل ما سبق يعني أنه وعلى الرغم من تعليمات أعلى مرجعية دينية شيعية في العراق، والتي تحدثت عن حصر السلاح بيد الدولة، ومن المحاولات اليمنية لتوحيد البلاد في ظل سلطة موحدة، ومن الطلب اللبناني الملح من الطائف مروراً بإعلان بعبدا وصولاً الى القرارات الدولية بضرورة إبقاء السلاح وقرار الحرب بيد الدولة، إلا أن إيران التي لا تريد حرباً على أرضها، تدفع الى جعل الساحات تساند لتشتعل، ومن هنا لن تكون أي دولة ممن زرعت فيها أذرعها بمنأى عن ضربات موجعة إسرائيليةً كانت أم أميركية. هي نفسها إيران التي ساندت الأسد في يوم من الأيام من خلال توريط “حزب الله”، لم تجده بجانبها في حرب إسرائيل على لبنان، وها هي ترسل فصائلها من العراق مجدداً ، لكن ليس كرمى لعيون بشار، لأن التجارب جميعها أثبتت أن طهران لا تقدم خدمات مجانية لأحد، إنما تقدمها لجعلها ملفات ضغط تحمي بها مصلحة بلدها ولتبقيها لاعباً أساسياً في المنطقة. الأحداث تتسارع، لننتظر ونرى.