كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
أطلق “حزب الله” حملة لجمع التبرعات موجهة لعامة الناس، من أجل صناعة طائرات بدون طيار وصواريخ، من خلال مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي. ونشر على وسائل التواصل الاجتماعي، فيديو بعنوان “ساهم بثمن مسيرة”، ووضع رقم هاتف للتواصل والتبرع. وأظهر الفيديو رجلا يتمشى مع طفله، ثم يشير له الى السماء، حيث تحلق مسيرة، لتظهر عبارة “ارفع رأسك لفوق، وشوف دعمك وين صار”. وأكمل الفيديو لقطات لمسيرة وهي تضرب أهدافا عسكرية.
وفي فيديو ثان، طلبت “هيئة دعم المقاومة الإسلامية” من الداعمين التبرع بثمن صاروخ. وأظهر الفيديو لقطات لأشخاص يقومون بوضع الأموال في “حصالة” عليها وجه حسن نصر الله، وكتب على اللقطات، “هكذا وهكذا، يصل دعمكم مثل الصاروخ… شارك بمشروع ثمن صاروخ”.
لطالما عرضت قناة المنار جمع تبرعات عبر ما يعرف بالقجة على شكل مسجد الصخرة، لكن الحملة بشكلها الحالي أثارت استغراب معظم اللبنانيين. فما دلالات هذه الحملة؟ وهل تشكل مصدر قوة لحزب الله أم هي دليل ضعف؟
العميد المتقاعد جورج نادر يؤكد لـ”المركزية” ان “لهذا الامر دلالات عدة، أهمها ان “حزب الله” غير مكترث لأحد ولا يسأل عن دولة ويقوم بحملته كمن يجمع تبرعات لمريض سرطان وكأن الامر شرعي. فهو لا يأبه لأي كان، كما ان لا أحد في المقابل يسأله او يحاسبه”.
ويسأل نادر: “ماذا يعني أن يقوم حزب مسلح و”فاتح” جبهة بطلب مساعدات مالية من المواطنين لشراء سلاح؟ هذا الامر لم أره في اي بلد في العالم، هذا من الناحية السياسية. أما من الناحية العسكرية، فهل ذلك دليل قوة ام ضعف؟ دلالته مزدوجة الاتجاهات، فهي من جهة تدل على ضعف وعلى أن الحزب لم يعد لديه تمويل لشراء اسلحة وهذا ما لم يقم به في السابق، او بالاحرى ايران أغلقت عليه حنفية الدعم المالي او تقنن المساعدات، ومن جهة اخرى، يكتسب مشروعية العمل وبأن الشعب يشاركه ويتبرع له بالاموال، ويشتري المسيرات والصواريخ. وهنا نسأل اين الدولة؟ هناك استقالة كاملة من دورها”.
ويضيف نادر: “هل يجوز ذلك؟ إذا خرج حزب القوات اللبنانية مثلا وطلب جمع التبرعات لشراء صواريخ لمقاتلة اسرائيل، هل يمكن الدولة ان تمنعه؟ اذا خرجت الجماعة الاسلامية، وهي تشترك اليوم فيما يسمى بمساندة غزة، او “نسور الزوبعة” او “اشبال البعث”، كل هؤلاء، وقاموا بحملة شبيهة لجمع التبرعات فهل يمكن منعنهم؟ هنا نتحدث بالقانون. اذا لم تمنع الدولة حزب الله فهي لن تتمكن من منع الآخرين. اذا تسلّح العونيون والاشتراكيون والقواتيون… فما الداعي لوجود هذه الدولة؟ لم اسمع بحياتي عن حزب مسلح يطلق حملة تبرعات لشراء سلاح. لو كانت حملة لإعادة الاعمار او لمساعدة مهجري الجنوب لكان الامر مقبولا ومنطقيا ويمكن لأي شخص القيام به. لكن حملة تبرعات لشراء مسيرات وصواريخ لتدمير ما لم يدمره الحزب بعد، هذا غير مقبول”.
ويتابع: “حزب مسلح يقوم بحملة متقنة وعلى شاشات التلفزة ووسائل التواصل و”صاروخك واصل لفوق”، هل يجوز ذلك؟ لم نسمع أي مسؤول يتحدث عن الامر. اين الدفاع؟ اين الامن؟ اين القضاء؟ أليس هذا بمثابة إخبار؟ حتى الجيش يحتاج الى موافقة سياسية لقبول اي هبة او مساعدة، ولا يحق له قبول اي فلس في القانون إلا بموجب موافقة مجلس الوزراء وتسمى هبة.
هذه آخر معالم وجود الدولة، كانت لا تزال هناك شعرة معاوية، لكنهم اليوم قطعوها. اذا خرجنا اليوم وجمعنا نحو 30 شخصًا من ابناء الجنوب وقررنا محاربة اسرائيل وطلبنا التبرع لشراء السلاح، هل يجوز ذلك؟ بالقانون لا يحق منعنا لأن الدولة لم تتحدث مع من قام بأكبر من ذلك وبشكل علني. القانون لديه صفة الشمولية وليس الاستثناء”.
وعن تدفق السلاح إلى لبنان في هذه المرحلة ومن يسهل الامر وما الهدف؟ يجيب: “بالصدفة اكتشفنا شاحنة السلاح، لأن المحرك احترق واحترقت معه الاسلحة. اين الجمارك؟ هذه رأيناها، لكن ما الذي لم نره؟ هل من حاسب؟ اليوم مرّت 6 شاحنات من مرفأ طرابلس، وبالطبع مر الكثير غيرها. هذه الشاحنات رأيناها أما الأخرى فلم نرها. بالطبع هناك مسؤول، لماذا لا يوضع في السجن. من المسؤول؟ لا أحد. هل قال لنا احد لمن هذا السلاح؟ هل صدر بيان رسمي أعلمنا الى اي جهة تذهب هذه الاسلحة؟ ومن وراءها؟ عرفنا انه تاجر تركي، لكن التاجر التركي لم يأتِ بالسلاح ليبيعه في سوق الاحد، بل هذا السلاح أتى لجهة ما مسلحة، لتنظيم حزبي لبناني او سوري او فلسطيني لا نعرف. ليست وظيفتي بل وظيفتهم ان يقولوا لنا”.
وختم نادر: “كان هناك ما يربطنا بشيء اسمه دولة، لكن آخر مظاهر الدولة انتهت مع ما يحصل. حتى الجيش يكبلونه. ما يحصل في الجنوب ليس بالسهل. أوليست دعاية “حزب الله” اليوم أكبر مسّ بكرامة الجيش؟ من يحق له حمل السلاح غير الجيش؟”.