كتب ناجي شربل في “الانباء الكويتية”:
تتكثف الاتصالات على غير صعيد بحثا عن خرق في جدار الأزمة الرئاسية يوصل إلى جلسة انتخاب لرئيس الجمهورية، جلسة منتجة بعيدا عن الاستعراضات السياسية.
وفي هذا الإطار، تحاول «اللجنة الخماسية» وضع كتلة «الاعتدال الوطني» النيابية في الواجهة والتحرك من خلالها، على اعتبار انها أجرت اتصالات مع الأطراف جميعها ولا تصنف ضمن أي من المحورين.
من هنا جاء لقاء وفد «الكتلة» مع السفير المصري علاء موسى للاتفاق على إطار للتحرك، وإمكانية الدعوة إلى جلسة تشاور تكون «الكتلة» من خلالها رافعة لحل العقد.
وللغاية يزور عضو الكتلة النائب وليد البعريني رئيس مجلس النواب نبيه بري لتبيان موقفه من الخطوة التالية، وإطلاعه على نتائج اتصالات الكتلة بعد إعادة تحريك مبادرتها.
وثمة من يرى أن المسعى الذي تقوم به «كتلة الاعتدال» دونه عقبات يصعب حلها في ظل الأزمات الإقليمية.
ومن هنا كان تحذير الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الذي أجرى محادثات في قطر، من «ان الحرب في المنطقة لاتزال في بدايتها وقد تستمر لما بعد نهاية السنة، وبالتالي لا بد من انتخاب رئيس للجمهورية من خلال الحوار والتوافق».
وقال مصدر مطلع لـ«الأنباء» إن «جنبلاط قلق من استمرار الوضع في حال المراوحة غير المطمئنة، ومن هنا فإن اللقاء الديموقراطي (كتلة جنبلاط النيابية) أبدى مرونة لافتة حيال ترشيح (الثنائي) لرئيس (تيار المردة) الوزير السابق سليمان فرنجية. موقف اختلف لدى (التقدمي) عما كان عليه في بداية الشغور الرئاسي، اذ أبدى جنبلاط الأب استعدادا للسير بفرنجية اذا توافرت المظلة الوطنية لهذا الترشح».
وأضاف المصدر: «تسير كتلة اللقاء الديمقراطي بمرشح (الثنائي الشيعي) اذا استطاع الأخير استمالة (التيار الوطني الحر) للاقتراع إلى جانبه، بحيث يكون قد حظي بتأييد كل الطوائف وغالبية الكتل السياسية».
وتابع المصدر: «كتلة جنبلاط لن تقترع لمرشح يقاطعه الأقطاب من المسيحيين، اذ تعتبر انه يجب ان يحظى بتأييد أحد فريقين: (القوات) أو (التيار). ومن دون ذلك فإنه لن ينحاز إلى أحد المحورين».
وتأتي «هذه المواقف المرنة من أكثر من جهة» وفقا للمصدر، «لتتقاطع مع معلومات ديبلوماسية بأن واشنطن بدأت البحث في اعتبار ترشيح فرنجية طرحا جديا، ضمن سلة متكاملة تنهي أزمه الشغور الرئاسي الطويل التي أحدثت شللا في كل مؤسسات الدولة، خصوصا ان الجانب الاميركي قطع شوطا كبيرا في التحاور مع (الثنائي) بشكل مباشر من خلال رئيس المجلس، او بطريقة غير مباشرة لحل الكثير من الأزمات العالقة ومنها مسألة الحدود».
إلا ان قراءة سياسية متأنية لكلام المصدر كفيلة بإعادة الأمور إلى نقطة الصفر على الصعيد الرئاسي، مع توقع رفض «القوات» و«التيار» السير بترشيح فرنجية، واستعادة سابقة الوقوف ضد التفاهم الأميركي – السوري في 1988، يوم التقى قائد الجيش اللبناني وقتذاك العماد ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في وزارة الدفاع الوطني باليرزة في 18 سبتمبر بعد قطيعة بينهما منذ 29 سبتمبر 1986 (مقتل قائد اللواء الخامس العميد خليل كنعان في منزله على أيدي عناصر من «القوات»)، واتفقا على رفض ما عرف وقتذاك بـ «اتفاق مورفي (نسبة للمبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ريتشارد مورفي) – الأسد (الرئيس السوري حافظ الأسد) بترشيح نائب عكار مخايل الضاهر لرئاسة الجمهورية خلفا للرئيس أمين الجميل قبل أيام من نهاية ولاية الأخير الدستورية.
وتلت ذلك الرفض تداعيات أطالت الشغور الرئاسي حتى نوفمبر 1989، بانتخاب الرئيس رينيه معوض في قاعدة القليعات الجوية شمال لبنان، بعد توقيع النواب اللبنانيين وثيقة الوفاق الوطني المعروفة باسم «اتفاق الطائف».
في أي حال، تتراوح الأمور بين التفاؤل والاندفاع إليه من قبل أركان الخماسية، وبين تفاؤل داخلي حذر انطلاقا من تجربة اللبنانيين مع خواتيم الأمور.
وارتفعت أصوات داخلية محذرة من ربط «حزب الله» وتاليا «الثنائي» الاستحقاق الرئاسي اللبناني بالحرب في غزة. في مقابل رهان فريق داخلي من المعارضة، على نتائج الحرب، واعتقاده انها تضعف أوراق «الحزب» في الملف الرئاسي في مرحلة لاحقة.
وفي هذا الوقت، تنشط الحركة الخارجية الأوروبية والعربية باتجاه لبنان. ويزور المبعوث الفرنسي جان إيف لو دريان بيروت الأسبوع المقبل، للدفع في خطوات العد التنازلي للاستحقاق الرئاسي، تماهيا مع البيان الأخير للخماسية.
وكشفت أوساط ديبلوماسية غربية لـ «الأنباء» عن ان لو دريان نسق زيارته مع المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، في شأن ملفي الاستحقاق الرئاسي والهدنة على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، بموجب صيغة عمل عليها هوكشتاين مع الجانبين اللبناني عبر الرئيس نبيه بري، والحكومة الإسرائيلية.
وسيلتقي لو دريان الأفرقاء اللبنانيين، من رسميين ورؤساء أحزاب وكتل نيابية. لقاءات يغلب الكلام فيها عن مواقف وليس الاستطلاع كما كان يجري سابقا. وحذر مصدر حكومي سابق فاعل لـ «الأنباء» من «اصطدام لو دريان بالبعض من السياسيين اللبنانيين، كما حصل في لقائه الأخير مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، حين رفض الأخير السير بتمديد خدمة قائد الجيش العماد جوزف عون، فغادر لو دريان منزل مضيفه (باسيل) بعد أقل من 10 دقائق على بداية اللقاء». ورأى المصدر «وجوب التروي من قبل الجميع في تقديم طروحاتهم، من أجل الوصول إلى خواتيم إيجابية».