كتب يقظان التقي في عروبة 22 …
وتكرّست اللحظة مجددًا في المؤتمر الأول من نوعه، الذي عقد في المملكة العربية السعودية وجمع إليه أكبر حشد عربي وإسلامي من 57 دولة، وأعاد طرح مبادرة سلام عربية وإسلامية شاملة ومن موقع القوة الجديدة التي تمثّلها تلك الدول سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، ومنها العودة إلى فكرة القوميّة تحت عنوان واحد ولغة واحدة: رفض الحرب والعدوان الوحشي الإسرائيلي، وإيقاف الإنتهاكات الإنسانية والحرب الشاملة على الفلسطينيين، وتحمّل المجتمع الدولي مسؤولية دمار الإنسان والعمران، والعمل على تحقيق الأمن والاستقرار. ما يعني أنّ العروبة تحتاج إلى شريك أو شركاء حقيقيين من المؤسسات الدولية ومن العالمية الإنسانية، ومن أصوات مريدي السلام والعدل، وليس الحروب والفوضى المدمّرة والشعبويات الدينية والعرقية التي تكسّب عادةً في حالة الحروب.
لا توجد قوميّة قديمة أو جديدة. لكن الظروف هي التي تجعلها قديمة أو جديدة. هي ليست مجرد معنى، وانما أثر مقيم، وأصل ومرجعية، ونقاشات من النوع الذي كان عرض له كتاب صادر حديثًا “اللحظة القوميّة العربيّة” ( عن دار النهار للنشر ) للمؤلف شارل رزق، أحد رموز الشهابية الأصيلة. الكتاب تناول أهم التحوّلات التي عصفت بالمنطقة في العقود الأخيرة، والقضية الفلسطينية كانت جزءًا من تلك التحوّلات والمتغيّرات. عمق القضية التي يعالجها هو انهيار الناصرية في ستينات القرن الماضي بالسرعة التي قامت بها في الخمسينات. كانت لحظة بدورها متفجّرة في التاريخ العربي الطويل، الذي أمل خلاله العرب تحقيق حلم قديم افتقدوه منذ مئات السنين منذ القرن الثامن الميلادي، الذي شهد سقوط دولة الأمويين. فاحتفاظهم بالخلافة طيلة العصر العباسي لم يمنع انتقال الحكم الفعلي إلى وزراء وبعدهم إلى سلاطين مثّلوا شعوبًا أعجمية فارسية أو تركية، كان لها الغلبة على العرب في دولة إسلامية من الأوسع انتشارًا في التاريخ.
العبرة من ذلك التاريخ العلمي، هي في استخراج الدروس من القدر الذي آلت إليه الأمور من قيام إيديولوجيا القومية العربية في القرن العشرين، مرحلة جمال عبد الناصر في خمسينات القرن، والقاعدة التي بنى عليها تجربته السياسية، مرورًا بالهزيمة العربية 1967، ونهج السادات التراجعي 1973، والثورة الإسلامية الايرانية التي ختمت التخلي عن هذه القومية العربية بامتدادها إلى الدول العربية.