كتبت تالا الحريري…
كما أن للحرب آثاراً نفسية وجسدية على السكان والنازحين، تعتبر أيضاً من أبرز العوامل التي تساهم في تفشي الأمراض والفيروسات، وخصوصاً بين الفئات الأكثر ضعفاً كالأطفال والمسنين والنساء الحوامل. وتتفاقم هذه المشكلات الصحية بسبب الظروف البيئية القاسية وغياب الرعاية الصحية إضافة إلى الاكتظاظ وانعدام الوسائل الصحية والنظافة وهذا ما يجعل هذه الفئات عرضة للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي ومشكلات الرئة. إضافة إلى ذلك، فإن التعرض لمواد سامة مثل الفوسفور، المستخدمة في الغارات التي ينفذها العدو الاسرائيلي، يزيد من تعقيد هذه المشكلات ويشكل خطراً إضافياً على الصحة العامة. فما هي أبرز التحديات الصحية التي يواجهها النازحون، وما تأثير الاضطرابات البيئية والمخاطر الكيميائية على صحة الناس؟
عدّد أخصائي الأمراض الصدرية والتنفسية الدكتورعصام المعوش لـ”لبنان الكبير” الامراض الرئوية الأكثر شيوعاً في مناطق النزاع نتيجة التلوث البيئي وهي: التهابات الجهاز التنفسي، الانسداد الرئوي والتهاب الشِعب الهوائية المزمن. وذكر بأنّ الأعراض الأولية التي تظهر على الأشخاص جراء المشكلات الرئوية تتمثل في ضيق التنفس، السعال، الحمى، القشعريرة والوخز في الصدر.
وبالنسبة الى تأثير ظروف الحياة في مناطق الحروب على صحة الرئة مقابل نقص الرعاية الصحية والتغذية السيئة، قال المعوش: “جراء ظروف الحرب والنزوح وسوء التغذية في مراكز الايواء يؤدي مرض الانسداد الرئوي المزمن ومرض الربو إلى مضاعفات خطيرة تهدد الحياة في بعض الأحيان وذلك جراء التعرض للغبار المتعلق بالانفجارات وعدم امكان تلقي العلاج الفوري. كما أن الاكتظاظ السكاني في المراكز يساعد في زيادة الالتهابات الرئوية وانتشار العدوى بالأمراض الفيروسية بصورة أسرع”.
استنشاق الغبار والدخان الناتج عن القصف في أماكن المواجهات يزيد من نسبة اشتداد الانسداد الرئوي والربو، اذ ان هذه المواد تعتبر محفزاً للقصبات الهوائية ما يزيد من نسبة الالتهاب فيها. وهذا بالتأكيد يؤثر بصورة سلبية لأن هذه المواد تزيد من الحساسية في الشعب والقصبات الهوائية، بحسب المعوش.
وفي السياق، أشار الاختصاصي في أمراض وجراحة الأنف والأذن والحنجرة الدكتور عبد الكريم رمضان لـ”لبنان الكبير” الى التهابات الجيوب الأنفية (حساسية)، وحالات الدوار ووجع الرأس والغثيان والتقيؤ، التي تظهر إلى جانب التهابات القصبة الهوائية والحنجرة والرئة، لافتاً إلى أنّ “الاكتظاظ السكاني واستعمال دورات مياه جماعية يوثران على انتشار الوباء الجرثومي وأمراض حساسية الجلد والأمراض الفطرية وغيرها. فمن الممكن أن تؤدي ظروف الحرب إلى ظهور بكتيريا وفيروسات جديدة بحيث تتزاوج البكتيريا المتعارف عليها لتتطور وتنتج بكتيريا جديدة. كما أنّ من الممكن أن تظهر الكوليرا القديمة والتيفوئيد وحمى البحر الأبيض المتوسط وغيرها من الفيروسات والأمراض”.
وحذر رمضان من موضوع سوء التغذية الذي يؤثر على فقدان المناعة، ما يجعل الأجسام عرضة لتفشي الأمراض.
ومع بداية فصل الشتاء وموسم الانفلونزا لا بد من أنّ تنتشر هذه الأمراض بصورة أكبر وأسرع نتيجة جفاف الجو، وانخفاض درجات الحرارة. إذ تكون الانفلونزا مصحوبة بارتفاع في الحرارة، إرهاق شديد، صداع وسعال، وقد تؤدي الإصابة الى مضاعفات تنفسية خطيرة. وفي هذا الخصوص أوضح الصيدلي ربيع شاهين لـ”لبنان الكبير” أنّ “هناك ضغطاً على الصيدليات من النازحين والكثير من حالات الرشح، لكنهم يتجهون إلى شراء العلاج الأساسي فقط من دون اللجوء إلى أخذ اللقاح أو أي وسائل حماية أخرى”.