كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
تجاوزت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” قطوعاً خطيراً، بعدما خلصت اجتماعات اللجنة الاستشارية للوكالة في جنيف، برئاسة إسبانيا وبمشاركة 30 دولة مانحة و4 مراقبين، إلى تشديد الدول المشاركة على دعم الوكالة وتجديد التفويض الممنوح لها لممارسة أعمالها الإنسانية، وذلك في مواجهة قرار الكنيست الإسرائيلي بحظر عملها في الضفة الغربية، بما فيها القدس وقطاع غزة.
وعادة ما تجتمع اللجنة الاستشارية، التي أنشأتها الأمم المتحدة بموجب القرار رقم 302 الصادر بتاريخ 8 كانون الأول 1949، لتقديم النصح والمساعدة للمفوض العام لـ “الأونروا” في تنفيذ مهام ولايتها، مرتين سنويّاً لمناقشة القضايا ذات الصلة.
وقد اكتسبت اجتماعاتها هذه المرّة أهمية خاصة، إذ جاءت بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، وهو الذي اتخذ سلسلة من القرارات منها تقليص الدعم المالي للوكالة. كما جاءت عقب إقرار الكنيست، بالقراءتين الثانية والثالثة في 28 تشرين الأول الماضي، قانوناً يحظر نشاط “الأونروا” داخل إسرائيل، مع توقع التصويت قريباً على تصنيفها “منظمة إرهابية” خلال 90 يوماً.
تجريد صفة
خلال زيارته إلى لبنان أمس، ولقائه الرئيسين نبيه برّي ونجيب ميقاتي، أكّد مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن “الأونروا تقوم بدور لا غنى عنه في لبنان وغزّة وتقدّم خدماتها إلى حوالى نصف مليون لاجئ فلسطيني في لبنان”. بينما علّق المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، قائلاً “إن تفكيك وكالة مثل “الأونروا” لا علاقة له بقضايا الحياد، بل بمحاولة تجريد الفلسطينيين من صفة اللاجئ، وإضعاف تطلعاتهم إلى تقرير المصير، وبالتالي إضعاف فكرة حلّ الدولتين”.
واعتبر مدير الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين، علي هويدي، أن اجتماعات اللجنة الاستشارية نجحت في التصدّي لمحاولات استهداف وجود الوكالة ودورها الحيوي في خدمة اللاجئين الفلسطينيين مشيراً إلى محاولات خمس دول: الولايات المتحدة الأميركية، وكندا، وإيطاليا، والسويد، والدنمارك لاستبدال “الأونروا” بمنظمات أممية أخرى أو تفكيك عملها، وهو مطلب استراتيجي لإسرائيل تعمل عليه منذ عقود.
اعتذار ومحاولات
أكدت مصادر فلسطينية أن منظمتي “اليونيسف” و “برنامج الغذاء العالمي” اعتذرتا عن القيام بدور بديل عن “الأونروا” في قطاع غزة، بينما قوبل اقتراح نقل إدارة “الأونروا” إلى إدارة فلسطينية مفوضة على الرغم من دعمه من المفوّض لازاريني، برفض الدول المضيفة، وعلى رأسها لبنان والأردن، اللذان يعتبران “الأونروا” ضامناً دولياً لحقوق اللاجئين إلى حين حلّ قضيتهم وفق قرارات الأمم المتحدة.
كما تضمّنت المحاولات تشكيل هيئة دولية للإشراف على عمل “الأونروا”، بناءً على توصيات التقرير الذي قدّمته وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاثرين كولونا، بتكليف من الأمين العام للأمم المتحدة. جاء هذا التقرير عقب ادعاءات إسرائيل في العام 2024 بتورط 19 موظفاً من موظفي “الأونروا” في عملية “طوفان الأقصى” التي وقعت في 7 تشرين الأول 2023 على مستوطنات غلاف غزة.
ورغم موافقة غالبية الدول المشاركة على توصيات التقرير، إلّا أن هذا المقترح واجه رفضاً قويّاً من الدول المضيفة والداعمة لـ “الأونروا”. ويعود ذلك إلى ما يمثّله هذا الاقتراح من نزع مرجعية الجمعية العامة للأمم المتحدة عن الوكالة وتقليص دورها الأساسي في تقديم الدعم للاجئين الفلسطينيين.