كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
دونالد ترامب ام جو بايدن؟ الديمقراطيون ام الجمهوريون؟ من سيفوز في الانتخابات الرئاسية الاميركية في 5 تشرين الثاني المقبل؟ وهل يتحدد مصير لبنان والمنطقة وفقاً للفائز بكرسي البيت الأبيض؟
تشير اوساط سياسية مطلعة الى ان استطلاعات الرأي في الانتخابات الاميركية سيكون لها تأثيرها على مواقف القوى السياسية في المنطقة ومنها ايران. فإذا تأكد لمحور الممانعة ان ترامب هو المرجح وصوله الى البيت الابيض، سيسرع المحور خطوات الاتفاق على المرشح الثالث في لبنان وإقفال الملف وتخلي الثنائي الشيعي عن مرشحه سليمان فرنجيه، واقفال الملفات في لبنان والمنطقة. اما اسرائيل فسترفض عندها اي وقف لإطلاق النار وتستمر في المواجهة بانتظار وصول حليفها، وعندها يرتاح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى مصيره. اما اذا تبين لمحور ايران امكان عودة بايدن فستتمسك ايران واذرعها بمواقفها وشروطها بوجه اسرائيل. ويصّعد حزب الله الجبهة في الجنوب، عندها ستضطر اسرائيل الى تقديم التنازلات لإقفال ملف الحرب قبل عودة بايدن الى البيت الابيض. الوضع لا بدّ سيحسم قبل شهر تموز.
فما المتوقع للبنان والمنطقة؟
السفير السابق في واشنطن رياض طبارة يؤكد لـ”المركزية” ان “المعلن من الرجلين هو مساندة اسرائيل، فهذه سنة انتخابية، يزايدان على بعضهما البعض على حب اسرائيل، لكن مًن يفوز بالرئاسة قد لا يلتزم بالضرورة بكل الوعود التي قطعها. لكن الفرق الاساسي بينهما لناحية مساندة اسرائيل، هو ان بايدن يدعمها من مبدأ ديني عقائدي وان من واجبه الديني وعقيدته ان تكون محمية، بينما ترامب ليس لديه عقيدة، فهو تاجر يبيع ويشتري ويبني ، وقد تؤثر الاوضاع الاقتصادية الشخصية على قراراته. فصهره جيرارد كوشنير، يملك شركات ضخمة ولديه استثمارات في السعودية، لذلك يعتبر نفسه صديقا للمملكة وله علاقة مباشرة مع الامير محمد بن سلمان. وبالتالي يمكن للعرب، خاصة السعودية، إذا أرادت ذلك، ان تؤثر على ترامب اكثر من تأثيرها على بايدن. بالنسبة لشخص عقائدي كبايدن، ولو انه يتأثر بالاموال والمساعدات وحملته الانتخابية، إلا أنه لن يتأثر كشخص آخر يأخذ ويعطي. وترامب لديه كتاب عنوانه “فن الصفقات” (art of the deal) ، ويعتبر بانه اكثر شخص يمكنه ان يعقد “صفقات” لصالح اميركا. فإذا استطاع جلب استثمارات للاقتصاد الاميركي او لمصلحته الخاصة فهو يتأثر بها. أما بالنسبة للأمور الاخرى فالرجلان يتشابهان ويتأثران باللوبي الاسرائيلي الذي يملك الاموال والاصوات الانتخابية، والتي بحسب “الغارديان” هدد المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية، ويستخدم كل الطرق للوصول الى هدفه، ولديه طرق كثيرة وفعالة. هذه سنة انتخابية، ولذلك لن يواجه اي منهما اللوبي الاسرائيلي، وعلينا ان ننتظر ما بعد الانتخابات، لنرى ما إذا كان ترامب، في حال فوزه، سيتأثر بهجمة مضادة لاسرائيل تقودها دول عربية غنية ام سيكون مثل بايدن بمساندة اسرائيل. لكن برأي لا يمكننا ان نتأمل من اي منهما ان يغير مسار العلاقة مع اسرائيل التي ستبقى ثابتة، وقد يقوم ترامب ربما ببعض التعديلات ويتفهم اكثر او اقل لمتطلبات غزة والفلسطينيين.
اما بالنسبة للعلاقة مع ايران، فيرى طبارة ان “كلاهما لا يريدان حربا مع ايران، رغم تأثير اسرائيل ورغبة نتنياهو بجر اميركا الى حرب مع طهران وإنهاء قضية الاسلحة النووية بشكل حاسم. اما الصداقة مع ايران، فإن ترامب عندما انسحب من الاتفاق النووي، لم يكن لسبب شخصي بل لسبب موجود منذ ايام فريق الرئيس باراك اوباما الذي اعترف بنفسه ان الاتفاق غير كامل، فهو اوقف انتاج القنبلة الذرية لكن يجب ان يشمل أيضاَ نظام الصواريخ الايرانية وكيفية تعامل ايران مع دول الجوار اي الميليشيات المتحالفة معها من حزب الله الى الحوثيين فالحشد الشعبي. وعندما انسحب ترامب كان يهدف الى عقد اتفاق جديد يُدخِل فيه هاتين المسألتين، وظن أنه سيتمكن من فرض ذلك من خلال الضغط على ايران بالعقوبات، وسماها الماكسيموم عقوبات، وفي آخر عهده، سعى جاهداً لفتح باب العودة الى الاتفاق بعد ان لمس صعوبة في إدخال هاتين المسألتين الى الاتفاق، حتى بايدن سعى إلى ذلك، واعترف ان الانسحاب كان خطأ لأنه فتح الباب لايران التي طوّرت برنامجها النووي. وكل الادارات الاميركية المتعاقبة أيضاً تؤمن بضرورة وقف البرنامج النووي وان يشمل البرنامج الصاروخي وعلاقة ايران بدول الجوار. حتى لو عاد ترامب سيسير على الخطى نفسها”.
بالنسبة للبنان، يعتبر طبارة ان “لبنان اولوية لواشنطن بحكم حدوده مع اسرائيل لا أكثر. واهم مسألة في القاموس الاميركي، هي الحدود اللبنانية – الاسرائيلية وتهدئتها وعدم توسيع الحرب. لا يهمهم من يكون رئيس الجمهورية وموقفها واضح، فهي تضع فيتو على بعض الاسماء فقط. وتعتبر واشنطن مع شركائها الاوروبيين بأن الحدود اللبنانية -الاسرائيلية يجب ان تهدأ وتسعى لحلّ هذه المشكلة، إنما ليس دفعة واحدة او اتجاه واحد بل من خلال 3 مكونات رئيسية، الاول ترسيم الحدود والاميركيون هم رأس الحربة من خلال الوسيط آموس هوكشتاين. والثاني انتخاب رئيس الجمهورية وتهدئة الداخل اللبناني كي يتمكنوا من التعامل مع حكومة رسمية، كما انهم يحتاجون إلى رئيس للتوقيع على اي مسألة تتعلق بالحدود، وفرنسا هي رأس الحربة في هذه المسألة، واللجنة الخماسية التي اوكلت فرنسا بحل هذا الاستحقاق. والثالث قضية اللاجئين التي تثير خضة في لبنان وهذا ما لا يريدونه لأنه يؤثر على كل اوروبا، والاتحاد الاوروبي هو رأس الحربة فيه، من خلال مؤتمر بروكسل الذي عقد من أجل سوريا.
يُعمَل على هذه المكونات الثلاثة معاً. يطالعوننا يوميا بالحديث عن خلافات بين بعضهم البعض وهذا غير صحيح، كل منهم لديه دوره ويريد الحل النهائي خاصة مسألة الحدود، لأن همهم الاساسي إعادة المستوطنين الى شمال اسرائيل وعودة الهدوء ، تمهيدا لاستتباب الامن والاستقرار في الشرق الاوسط”.
ويختم طبارة: “بالنسبة للبنان لديهم هذه المسائل الثلاث، وان يقوم هوكشتاين بترسيم الحدود، واذا حصل لبنان على معظم ما يطالب به، يكونون بذلك قد اعطوا حزب الله نوعا من الانتصار، وهدّأوا قضية اللاجئين في بلجيكا، وساعدوا على الاستقرار السياسي اللبناني من خلال الفرنسيين. أيُعقل ان يكون لودريان قد اتى ظنا منه انه سيحلها؟ اذا كان الجميع علم انه لن يحلها فكيف هو؟ لودريان جاء ليرى ما هو الحد الاقصى الذي يمكن ان يحصل عليه باتجاه انتخاب رئيس وتهدئة السجال السياسي في لبنان، ويحضر ملفاً جاهزاً للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قبيل اللقاء المرتقب بينه وبين بايدن في 8 حزيران المقبل. وفي المقابل، يكون هوكشتاين قد اكمل من جهته الملف ايضا، وكذلك الاتحاد الاوروبي. اعتقد انهم يعملون هذا الاسبوع على مدار الساعة تحضيراً لهذا اللقاء لعرض ما وصلوا إليه من نتائج، ليروا ما يمكنهم فعله خلال قمة ماكرون – بايدن”.