كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
ينتظر لبنان والمنطقة تداعيات حادثة سقوط المروحية الإيرانية. وتُعتبر طهران من أكثر العواصم تأثيراً على لبنان. ويأتي هذا الحادث ليزيد تعقيدات الوضع في المنطقة، خصوصاً أنّ وزير الخارجية الإيراني الراحل حسين أمير عبد اللهيان كان من أكثر الديبلوماسيين اطّلاعاً على ملف لبنان وملفات المنطقة، وفي انتظار ترتيب الوضع الإيراني الداخلي، يبقى لبنان بلا رئيس للجمهورية رغم بيان اللجنة الخُماسية ومحاولة الدفع في اتجاه إجراء الاستحقاق الرئاسي.
تُعتبر كل من واشنطن والرياض وطهران من أكثر الدول تأثيراً على الواقع اللبناني، وأتى حراك السفير السعودي وليد البخاري من ضمن نشاط «الخُماسية» ليرفع منسوب التفاؤل بإمكان وجود معطى خارجي يحلّ العقدة الرئاسية. وفي جوهر حراك «الخُماسية» والبخاري لزوم القيام بمشاورات مكوكية بين الثنائي الشيعي والحلفاء ممثلين برئيس مجلس النواب نبيه برّي، وبين «القوات اللبنانية» والحلفاء، أي المعارضة السيادية.
رسمت الانتخابات النيابية الأخيرة توازناً جديداً في البلد بين هذين الفريقين. وكل فريق يستند إلى عوامل قوة داخلية وخارجية، وبين الثنائي و»القوات» والحلفاء هناك قوى تحاول التمايز وتصنّف نفسها في موقع الوسطية، رغم مساندة بعضها «القوات» في بعض معاركها، ومساندة قوى أخرى «حزب الله».
وسيقوم البخاري بمشاورات مكوكية لإقناع الثنائي الشيعي و»القوات» بضرورة خفض سقف المطالب والذهاب إلى التشاور، لا الحوار الكلاسيكي من أجل الوصول إلى حلّ رئاسي. وإذا كان هذا الحراك منسّقاً مع «الخُماسية» ويتولّى هذه المهمة الشاقة، إلا أنه يطرح علامات استفهام عمّن سيتولّى النقاش مع الكتل الوسطية رئاسياً والتي تملك حجماً معيناً في المجلس، وهذه الكتل تتمثّل بـ»التيار الوطني الحرّ» وتكتل «الاعتدال الوطني» و»اللقاء الديموقراطي» وعدد من النواب التغييريين والمستقلّين.
وفي السياق، تؤكد مصادر مطلعة على الحراك الرئاسي المستجدّ أنّ العقدة الأولى تتمثّل بتقريب وجهات النظر بين فريقَي الثنائي الشيعي و»القوات» والمعارضة السيادية، وعندما تتمّ هذه العملية، تتسهّل أغلبية المشكلات العالقة رئاسياً، فكتلة «الاعتدال» هي من بادرت ونسّقت مع اللجنة «الخُماسية» وتطمح من أجل الوصول إلى حلّ رئاسي، وتبنّت الخيار الثالث، ولن تقف حجر عثرة في وجه أي حلّ، خصوصاً إذا كان السفير السعودي من يتابع الموضوع ويحاول المساعدة.
وإذا لم تكن هناك مشكلة مع «الاعتدال»، فالأمر نفسه ينطبق على «اللقاء الديموقراطي»، فهو مع الحلّ الرئاسي السريع، ولن يسير عكس تمنّيات المجتمع الدولي، خصوصاً المملكة العربية السعودية، وما يقبل به الثنائي والمعارضة السيادية يُسهّل عليه السير في أي تسوية. ويكرّر النائب السابق وليد جنبلاط دعوته المستمرة إلى تسوية تحفظ وجود البلد ولا تكرّس انتصار فريق على آخر.
من جهته، يُبدي رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل ليونة مع أي مبادرة رئاسية شرط عدم إيصالها رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية إلى بعبدا، لذلك لن يقف باسيل عقدة في وجه أي مبادرة حقيقية شرط حفظ التوازن الذي ينادي به. وإذا كان التحالف النقابي بين «التيار الوطني» والثنائي لا يزال ساري المفعول، إلا أنّه لم ينعكس قبولاً من باسيل بمرشح الثنائي.
وبالنسبة إلى بعض النواب المستقلين والتغييريّين، فهؤلاء لن يقفوا حجر عثرة في وجه أي مبادرة، خصوصاً أنه لا إمكانية لهم للمواجهة بسبب تشرذمهم، وبالتالي تبقى الطابة الأساسية في ملعب الثنائي، فإذا خفّض سقف شروطه وتخلّى عن مرشحه يبقى الاتفاق على الخيار الثالث أسهل، أما في حال بقي على تمسّكه بفرنجية، فهذا يعني سقوط كل المبادرات وآخرها مبادرة «الاعتدال» و»الخُماسية»، لكن هل أتى التحرّك السعودي من دون وجود ضمانات بنجاح جلساته التشاورية؟